الاجتهاد والتجديد والتواصل الحضاري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى للتواصل مع طلبة الدراسات الإسلامية العليا
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» القراءات القرآنية
في ظل عرش الرحمن Emptyالأربعاء يونيو 26, 2013 8:37 pm من طرف أبو عمر الخطاط

» منهج الإمام مسلم في ترتيب صحيحه (تلخيص)
في ظل عرش الرحمن Emptyالسبت فبراير 02, 2013 9:13 am من طرف أبو عمر الخطاط

» مع من يظلهم الله..2ـ وشاب نشأ في عبادة الله
في ظل عرش الرحمن Emptyالجمعة فبراير 01, 2013 11:13 pm من طرف أبو عمر الخطاط

» في ظل عرش الرحمن
في ظل عرش الرحمن Emptyالإثنين يناير 28, 2013 10:34 pm من طرف أبو عبد الله الشيشاوي

» قراءة في كتاب "الغياثي"للجويني(تتمة)
في ظل عرش الرحمن Emptyالأحد يناير 27, 2013 10:52 pm من طرف أبو عمر الخطاط

» قراءة في كتاب "الغياثي"للجويني(تتمة)
في ظل عرش الرحمن Emptyالأحد يناير 27, 2013 10:50 pm من طرف أبو عمر الخطاط

» قراءة في كتاب "الغياثي"للجويني(تتمة)
في ظل عرش الرحمن Emptyالأحد يناير 27, 2013 10:49 pm من طرف أبو عمر الخطاط

» قراءة في كتاب "الغياثي"للجويني
في ظل عرش الرحمن Emptyالأحد يناير 27, 2013 10:46 pm من طرف أبو عمر الخطاط

» لا وِلاَدَة..بدون مَخاض:
في ظل عرش الرحمن Emptyالجمعة يناير 25, 2013 10:33 pm من طرف أبو عمر الخطاط

مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

 في ظل عرش الرحمن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو عبد الله الشيشاوي




المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 28/01/2013

في ظل عرش الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: في ظل عرش الرحمن   في ظل عرش الرحمن Emptyالإثنين يناير 28, 2013 10:34 pm


أيها الأحبة الكرام حياكم الله جميعاً، وجعلني وإياكم من أهل الفردوس الأعلى، الذي لا يفزعون يوم يفزعُ الناس، ولا يخافون يوم يخاف الناس، ويسرون يوم يحزن الناس، ويستظلون بعرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، أيها الأحبة، لازلنا مع "من يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" في الحديث الذي رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ "
هؤلاء الأصناف السبعة المذكورون بم استحقوا هذه المكانة؟ وهذه المنزلة؟ وهذه الحفاوة في يوم الفزع الأكبر؟
لاشك أن هؤلاء إنما فازوا بما فازوا به بما حققوا في دنياهم من أعمال، وبما تخلقوا به من صفات وخصال، تلك الأعمال وتلك الصفات هي المنصوص عليه في الحديث نفسه، والمتأمل في تلك الأوصاف يجدها هي ركائز المجتمع المسلم، ويجدها شاملة لخيري الدنيا والآخرة؛ أئمة يقيمون العدل في الرعية، وشباب عابد لله، وعلاقات المسلمين بعضهم ببعض قائمة على الحب في الله والبغض في الله، مساجد عامرة، والعفة سيمة المجتمع، وإخلاص في العطاء، وخوف من الله..ولذلك فليس مقصود الحديث الإخبار عما سيقع في ذلك اليوم فحسب، بل الحديث سيق مساق الترغيب في التخلق بتلك الخصال، والابتعاد عما ينافيها..
وأول هؤلاء الأصناف السبعة الذين يستظلون بعرش الرحمن:


ـ إمام عادل:
أولا: مكانة العدل في الإسلام:
للعدل مكانة عظيمة في الإسلام، ويجب على جميع المسلمين إقامته، ولو على النفس والآباء والأبناء؛ لأن به قوام المجتمع، وبه صلاح الأمة وبضده فسادها، ولا ينبغي أن نحصر وجوب العدل على من تولى الإمامة العظمى فقط، ولكن كل أفراد المجتمع يجب أن يعدلوا ولو على النفس، الآباء يعدلون بين أبنائهم، والزوجان يعدلان فيما بينهما، والمعلم يعدل في قسمه، وكل واحد يعدل في منصبه الذي تولاه، على هذا جاء النداء الإلهي العلوي..حيث قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [ النساء:135]
"إنه نداء للذين آمنوا. نداء لهم بصفتهم الجديدة. وهي صفتهم الفريدة. صفتهم التي بها أنشئوا نشأة أخرى وولدوا ميلاداً آخر. ولدت أرواحهم، وولدت تصوراتهم، وولدت مبادئهم وأهدافهم، وولدت معهم المهمة الجديدة التي تناط بهم، والأمانة العظيمة التي وكلت إليهم.. أمانة القوامة على البشرية، والحكم بين الناس بالعدل.. ومن ثم كان للنداء بهذه الصفة قيمته وكان له معناه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... » فبسبب من اتصافهم بهذه الصفة، كان التكليف بهذه الأمانة الكبرى. وبسبب من اتصافهم بهذه الصفة كان التهيؤ والاستعداد للنهوض بهذه الأمانة الكبرى.. وهي لمسة من لمسات المنهج التربوي الحكيم تسبق التكليف الشاق الثقيل:
«كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ، شُهَداءَ لِلَّهِ- وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ. إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما» ..
إنها أمانة القيام بالقسط.. بالقسط على إطلاقه. في كل حال وفي كل مجال. القسط الذي يمنع البغي والظلم- في الأرض- والذي يكفل العدل- بين الناس- والذي يعطي كل ذي حق حقه من المسلمين وغير المسلمين..
ففي هذا الحق يتساوى عند الله المؤمنون وغير المؤمنين- كما رأينا في قصة اليهودي- ويتساوى الأقارب والأباعد.
ويتساوى الأصدقاء والأعداء. ويتساوى الأغنياء والفقراء..
«كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ، شُهَداءَ لِلَّهِ» ..
حسبة لله. وتعاملا مباشراً معه. لا لحساب أحد من المشهود لهم أو عليهم. ولا لمصلحة فرد أو جماعة أو أمة. ولا تعاملاً مع الملابسات المحيطة بأي عنصر من عناصر القضية. ولكن شهادة لله، وتعاملاً مع الله. وتجرداً من كل ميل، ومن كل هوى، ومن كل مصلحة، ومن كل اعتبار.
«وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ» ..
وهنا يحاول المنهج تجنيد النفس في وجه ذاتها، وفي وجه عواطفها، تجاه ذاتها أولاً، وتجاه الوالدين والأقربين ثانياً.. وهي محاولة شاقة.. أشق كثيراً من نطقها باللسان، ومن إدراك معناها ومدلولها بالعقل.. إن مزاولتها عمليا شيء آخر غير إدراكها عقلياً. ولا يعرف هذا الذي نقوله إلا من يحاول أن يزاول هذه التجربة واقعياً..
ولكن المنهج يجند النفس المؤمنة لهذه التجربة الشاقة. لأنها لا بد أن توجد. لا بد أن توجد في الأرض هذه القاعدة. ولا بد أن يقيمها ناس من البشر.
ثم هو يجند النفس كذلك في وجه مشاعرها الفطرية أو الاجتماعية حين يكون المشهود له أو عليه فقيراً، تشفق النفس من شهادة الحق ضده، وتود أن تشهد له معاونة لضعفه. أو من يكون فقره مدعاة للشهادة ضده بحكم الرواسب النفسية الاجتماعية كما هو الحال في المجتمعات الجاهلية. وحين يكون المشهود له أو عليه غنياً تقتضي الأوضاع الاجتماعية مجاملته. أو قد يثير غناه وتبطره النفس ضده فتحاول أن تشهد ضده! وهي مشاعر فطرية أو مقتضيات اجتماعية لها ثقلها حين يواجهها الناس في عالم الواقع.. والمنهج يجند النفس تجاهها كذلك كما جندها تجاه حب الذات، وحب الوالدين والأقربين.
«إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما» ..
وهي محاولة شاقة.. ولا نفتأ نكرر أنها محاولة شاقة.. وأن الإسلام حين دفع نفوس المؤمنين- في عالم الواقع- إلى هذه الذروة، التي تشهد بها تجارب الواقع التي وعاها التاريخ- كان ينشئ معجزة حقيقية في عالم البشرية. معجزة لا تقع إلا في ظل هذا المنهج الإلهي العظيم القويم.
«فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا» ..
والهوى صنوف شتى ذكر منها بعضها.. حب الذات هوى. وحب الأهل والأقربين هوى. والعطف على الفقير- في موطن الشهادة والحكم- هوى. ومجاملة الغني هوى. ومضارته هوى. والتعصب للعشيرة والقبيلة والأمة والدولة والوطن- في موضع الشهادة والحكم- هوى. وكراهة الأعداء ولو كانوا أعداء الدين- في موطن الشهادة والحكم- هوى.. وأهواء شتى الصنوف والألوان.. كلها مما ينهى الله الذين آمنوا عن التأثر بها، والعدول عن الحق والصدق تحت تأثيرها.
وأخيراً يجيء التهديد والإنذار والوعيد من تحريف الشهادة، والإعراض عن هذا التوجيه فيها..
«وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً» ..
ويكفي أن يتذكر المؤمن أن الله خبير بما يعمل، ليستشعر ماذا وراء هذا من تهديد خطير، يرتجف له كيانه..
فقد كان الله يخاطب بهذا القرآن المؤمنين!" في ظلال القرآن
فالمسلم في فصله للحكم بين الناس هو على طريقين؛ إما متبع للحق وإما متبع للهوى، وقد أمر الله نبيه داود عليه السلام بقوله: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ ص: 26]
ومن هنا نجد الآيات القرآنية متضافرة في هذا المعنى، في أمر الأمة بإقامة العدل بين الناس كافة، مسلمهم وكافرهم..
قال الحق جل جلاله:{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } [النساء:58]
وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم عن اليهود: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[ المائدة:42]
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90]
قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (Cool}[المائدة:8]
"وإنما وصف جل ثناؤه"العَدْل" بما وصفه به من أنه"أقرب للتقوى" من الجور، لأن من كان عادلا كان لله بعدله مطيعًا، ومن كان لله مطيعا، كان لا شك من أهل التقوى، ومن كان جائرا كان لله عاصيا، ومن كان لله عاصيا، كان بعيدًا من تقواه" الطبري.
بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم العدل أساس رقي الأمم وتقدمها، ورفعتها.. في سنن البيهقي ومعجم الطبراني من حديث بريدة بن الحصيب قال: ، قال : لما قدم جعفر من الحبشة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أعجب شيء رأيت ؟ " قال : رأيت امرأة على رأسها مكتل من طعام , فمر فارس يركض فأذراه فجعلت تجمع طعامها وقالت : " ويل لك , يوم يضع الملك كرسيه , فيأخذ للمظلوم من الظالم " ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم تصديقا لقولها : " لا قدست أمة " , أو : " كيف قدست ؟ لا يؤخذ لضعيفها من شديدها , وهو غير متعتع"وصححه الألباني.
ثانياً: العدل في البيوت أساس نشأة العدل في المجتمع:
ـ اعدلوا بين أولادكم:
روى الشيخان من حديث النعمان بن بشير ، قال : انطلق بي أبي يحملني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، اشهد أني قد نحلت النعمان كذا وكذا من مالي ، فقال : " أكل بنيك قد نحلت مثل ما نحلت النعمان ؟ " قال : لا ، قال : " فأشهد على هذا غيري " ، ثم قال :
" أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ؟ " قال : بلى ، قال : " فلا إذا". وهذا لفظ مسلم وفي رواية أخرى للبخاري أن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: "أعطاني أبي عطية ، فقالت عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية ، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله ، قال : " أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ " ، قال : لا ، قال :" فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، قال : فرجع فرد عطيته.
ثالثاً: صور من عدل السلف:
ـ هلا مع صاحب الحق كنتم:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ: أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلَّا قَضَيْتَنِي، فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ؟ قَالَ: إِنِّي أَطْلُبُ حَقِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ؟» ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهَا: «إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرُنَا فَنَقْضِيَكِ» ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَأَقْرَضَتْهُ، فَقَضَى الْأَعْرَابِيَّ وَأَطْعَمَهُ، فَقَالَ: أَوْفَيْتَ، أَوْفَى اللَّهُ لَكَ، فَقَالَ: «أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ، إِنَّهُ لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ» رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
ـ عمر وأبي بن كعب:
اختصم عمر مع أبي بن كعب في نخيل ادعاه على عمرَ ونفاه عمرُ، وقال: اختر من شئت نحتكم إليه، فقال أبي: نحتكم إلى زيد بن ثابت ، فذهب معه عمر إلى بيت زيد، وقالا له: أتيناك محتكمين إليك، فقال زيد ـ وعلى البداهة ـ : مرحباً، هاهنا يا أمير المؤمنين ـ وأشار إلى صدر المجلس ـ فصاح به عمر: جرت من أول أمرك، فقال له زيد: وفيم جُرت؟ قال له: تناديني أمير المؤمنين ونحن جئنا إليك في محاكمة، وتشير إلى صدر المجلس، يجب أن أجلس حيث يجلس خصمي.. فأجلسهما معاً، وسأل أبيّاً عن بينته، فلم يجد عنده بينة، وقال أطلب تحليف عمر اليمين، فقال زيد: أو تعفي أمير المؤمنين من اليمين؟ فصاح به عمر مرة ثانية: جرت يازيد، فقال وفيم الجور؟ فقال: أكل الخصوم تشفع لهم في ترك اليمين؟ فقال: أتحلف؟ فقال عمر: ومالي لا أحلف إن كنت صادقاً؟ فأحلفه فقضى لعمر لعجز أبي عن البينة ولحلف عمر، فلما خرجا من مجلس المحاكمة قال عمر لأبي: النخل مني هدية لك. فقيل لعمر: ولماذا لم يكن قبل حلف اليمين؟ قال: لكراهيتي أن يتخذها الناس سنة" [ترطيب الأفواه ج1ص150ـ151]
ـ عمر وابنه عبد الله
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: اشْتَرَيْتُ إِبِلًا وَأَنْجَعْتُهَا إِلَى الْحِمَى، فَلَمَّا سَمِنَتْ قَدِمْتُ بِهَا، قَالَ: فَدَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ السُّوقَ فَرَأَى إِبِلًا سِمَانًا فَقَالَ: " لِمَنْ هَذِهِ الْإِبِلُ؟ " قِيلَ: لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ: " يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ بَخٍ بَخٍ ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَجِئْتُهُ أَسْعَى فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: " مَا هَذِهِ الْإِبِلُ؟ " قَالَ: قُلْتُ: إِبِلٌ أَنْضَاءُ اشْتَرَيْتُهَا وَبَعَثَتُ بِهَا إِلَى الْحِمَى أَبْتَغِي مَا يَبْتَغِي الْمُسْلِمُونَ، قَالَ: فَقَالَ: " ارْعَوْا إِبِلَ ابنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، اسْقُوا إِبِلَ ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ اغْدُ عَلَى رَأْسِ مَالِكَ وَاجْعَلْ بَاقِيَهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ " السنن الكبرى للبيهقي.
"حكمت فعدلت فأمنت فنمت ياعمر"
جاء في "التبر المسبوك"أن قيصر ملك الروم أرسل رسولاً إلى عمر بنِ الخطاب لينظر أحواله ويشاهد أفعاله، فلما دخل المدينة سأل أهلها وقال: أين ملككم؟ قالوا: ليس لنا ملك، بل لنا أمير قد خرج إلى ظاهر المدينة. فخرج الرسول في طلبه فوجده نائماً في الشمس على الأرض فوق الرمل الحار وقد وضع درته كالوسادة تحت رأسه والعرق يسقط منه إلى أن بل الأرض، فلما رآه على هذه الحالة وقع الخشوع في قلبه وقال: رجل تكون جميعُ ملوكِ الأرض لا يقرُّ لهم قرارٌ من هيبته، وتكون هذه حالَه، ولكنك يا عمر عدَلت فأمِنتَ فنِمْتَ.."ص18
ـ درر من كلام عمر:
عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَإِنَّ إِحْدَى إِصْبَعِيَّ لَفِي جُرْحِهِ , هَذِهِ أَوْ هَذِهِ , وَهُوَ يَقُولُ: " يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ , إِنِّي لَا أَخَافُ النَّاسَ عَلَيْكُمْ , إِنَّمَا أَخَافُكُمْ عَلَى النَّاسِ, إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ اثْنَتَيْنِ , لَنْ تَبْرَحُوا بِخَيْرٍ مَا لَزِمْتُمُوهُمَا: الْعَدْلُ فِي الْحَكَمِ , والْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ.." السنن الكبرى للبيهقي.
رابعاً: إذا صفا رأس العين صفت السواقي:
وما أجمل كلمة قالها الليث بن سعد لهارون الرشيد: "ومن رأس العين يأتي الكَدَر، فإذا صفا رأسُ العين صَفَت السَّوَاقِي" ج1ص95
أبدأ بنفسك أينما كنت، وأي مسؤولية تقلدتها، كن أول من يلتزم بمبادئ إدارته وبيته، وقيادته، وعمله، تجد من هم تحت سلطتك تبعاً لك..
وبين علماؤنا معنى الإمام العادل: " الذي جمع الأمرين: العدالة في نفسه، والعدل في حكمه،هو الذي يتبع أمر الله، فيضع كلَّ شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط، ولا تأخذه في الله لومة لائم"
وإنما خص الإمام بالنص بالذات لأهميته، وخطر منصبه، وعموم صلاحيته، وإذا طاب الأصل طاب الفرع..ولأن عدله يشمل كل الرعية.. ينتفع به عامة الخلق، ولهذا كان سفيان الثوري يقول:" صنفان إذا صلحا صلحت الأمة، وإذا فسدا فسدت الأمة: السلطان والعلماء" وكان الإمام أحمد يقول: " لو كانت لي دعوة مستجابةٌ لجعلتها للسلطان؛ لأن بصلاحه صلاح الأمة"
وليهنأ من أقام العدل وحكم به ولو على نفسه وذويه، بظل عرش الرحمن يوم لاظل إلا ظله..
وليستبشر بما رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا» فليس العدل مطلوب من الولاة فقط بل من كل المسلمين، اعدل في بيتك واعدل في شهادتك، واعدل بين عمالك، واعدل في قسمك، واعدل في إدارتك..اعدل حيثما كنت..
روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»
وفي سنن النسائي والترمذي من حديث أنس ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيع ؟ حتى يُسْأَلَ الرجلُ على أهل بيته" [وحسنه الألباني في صحيح الجامع1774] "




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في ظل عرش الرحمن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الاجتهاد والتجديد والتواصل الحضاري :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: